أثيل حمدان


الموسيقي وعازف التشيللو أثيل حمدان

ملاحظة:

نشر هذا الحوار ضمن كتاب من تأليف الإعلامي إدريس مراد من اصدارات جمعية صدى الثقافية الموسيقية عام 2009 دمشق

 

ولد في دمشق عام 1970 ، بدأ دراسة الموسيقا في السّابعة من عمره على آلة التّشيلو في معهد صلحي الوادي للموسيقا ( المعهد العربي للموسيقا سابقاً ) ، تتلمذ على يد الأساتذة: أولغا يعقوب، بسام بقدونس، بافيل كوبين.

أُوفد في بعثة لمتابعة دراسته الموسيقية العليا في الاتحاد السوفيتي حيث أنهى دراسته في كونسيرفاتوار أوديسا الوطني في عام 1995 حائزاً على شهادة الماجستير في العلوم الموسيقية.

عمل عازفاً في الفترة ما بين ( 1991- 1995 ) في الأوركسترا السيمفونية لدار الأوبرا والباليه في مدينة أوديسا.

قام بالعزف مع العديد من الأوركسترات في كل من مصر والأردن وروسيا وبلجيكا، وأوركسترا الشباب العالمي.

عاد إلى الوطن وبدأ التّدريس في المعهدين العالي ومعهد صلحي الوادي للموسيقا والعمل كعازف في الفرقة الوطنية السيمفونية.

عازف التشيلو الأول في الفرقة السيمفونية الوطنية.

عازف التشيلو في رباعي دمشق الوتري.

قدّم العديد من الحفلات عازفاً منفرداً وعازف أوركسترا في قاعات وبلاد كثيرة ( فرنسا، إيطاليا، روسيا، أوكرانيا، أرمينيا، بلجيكا، إسبانيا، اليونان، تركيا، الولايات المتحدة، العراق، الأردن لبنان، تونس، الجزائر، المغرب، مصر ) .

قام بإدارة معهد صلحي الوادي للموسيقا ( المعهد العربي للموسيقا سابقاً) من عام 2002 إلى عام 2005 .

وبعدها شغل منصب عميد المعهد العالي للموسيقا، يتحدث لنا عن الحياة الموسيقية وغيرها من المسائل تتعلق بالموسيقا، خلال الحوار التالي الذي أجري معه حين كان عميدأ للمعهد

 

 

ـ ماذا تحدثنا عن الحياة الموسيقية في سورية؟

الحياة الموسيقية عندنا تخطو خطوات أسرع مما كانت عليه سابقاً الآن الجميع في حالة البحث عن أساليب وطرق لتطوير الموسيقا، سواء من يعمل في الكلاسيكية منها أو العربية ومن يعمل في مزجهما.

وهذا لا يعني بأن الموسيقا الجادة في مرحلة البحث عن الذات، ففي دائرة التحديث ودراسة الموسيقا العربية كانت هناك العديد من المشاكل التي واجهتنا، والآن بدأنا بتكوين أرضية صلبة لهذه الموسيقا. واليوم يظهر الكثير من المعاهد الخاصة التي تعني بتدريس الموسيقا للأطفال وأيضاً لكبار السن وهذا يدل على شيء من التقدم في الوعي الموسيقي عند عامة الشعب ويدل أيضاً بأن المؤسسات الحكومية التي تدرس الموسيقا (المعهد العالي، معهد صلحي الوادي، معهد شبيبة الأسد…) قد لعبت دوراً مهماً لنشر الثقافة الموسيقية ومن جهة أخرى نرى تزايداً في عدد الحفلات في مختلف أنواع الموسيقا، فهناك فرق جادة كبيرة (الأوركسترا السيمفونية الوطنية، الفرقة الوطنية للموسيقا العربية، فرقة كورال الحجرة…) ، وأيضاً فرق صغيرة تابعة للمعهد العالي والعديد من فرق الهواة، وهذا يدل على إقبال المواطن السوري على ما يقدم من الموسيقا الجادة وأن مستقبل الموسيقا السورية تتجه نحو التقدم.

ـ كيف تنظر إلى تاريخ الدراسة الموسيقية في المعهد العالي وهل لك ملاحظات حول مستقبلها؟

تأسس المعهد في عام 1990 كضرورة ملحة لاتمام الشباب الموهوبين لدراستهم العليا في الموسيقا، وهنا يجب أن لا ننسى الفضل الكبير للموسيقي صلحي الوادي الذي قدم الكثير للمشهد الثقافي السوري والذي كان من مؤسسي المعهد العالي للموسيقا.

تغيرت الأهداف منذ أن تأسس حتى الآن، حيث أصبحت حاجات اليوم مختلفة عن الأمس، تخطينا مرحلة وضع أساس كمي لننتقل إلى الكيف، هذا لا يعني أنه لم تكن هناك مستويات ممتازة، ولكن نحن الآن بصدد اختصاصات أكثر تناسباً مع نحتاجه فعلياً.

المعهد اليوم يضم حوالي مئة وخمسين طالباً وطالبة، يدرسون كل أنواع الآلات العربية منها والأوروبية، بالإضافة إلى دراسة الغناء العربي والأوبرالي.

توجد العديد من الفرق الطلابية منها (فرقة الوتريات، الفرقة السيمفونية الطلابية، فرقة الموسيقا العربية الطلابية) والدراسة في المعهد مثلها مثل كل المعاهد العالمية، حيث مدة الدراسة خمس سنوات، ينال بعدهاالخريج إجازة علمية تؤهله لمتابعة الدراسات العليا في المعاهد العالمية.

 

ـ كما هو معروف، كانت دراستك على آلة التشيللو، ماذا عن تاريخها العملي ضمن الموسيقا العربية؟

بقيت آلة التشيللو لمدة طويلة أسيرة في الموسيقا العربية ضمن الفرق المرافقة للغناء، وهذا لا يعني عدم  وجود أعمال منفردة لها حيث أن لهذه الآلة أعمالاً خاصة بها منذ فترة الستينات، وحديثاً ومن خلال متابعتي لما يكتب لهذه الآلة، أجد اهتماماً أكبر مما سبق بها وذلك يعود لتطوير مستواها في سوريا والعالم العربي، فأصبحنا نسمع في الكثير من الأغاني والموسيقا التصويرية أجزاءً منفردة للتشيللو، وهذا نتيجة لتفهم المؤلفين لمقدرات الآلة الدرامية واقترابها من صوت الإنسان الداخلي، وهذه خطوة كبيرة لتوسيع دائرة الآلات التي تدخل ضمن الموسيقا العربية الآلية.

ـ ماذا عن طبيعة آلة التشيللو واختلافها عن الوتريات الأخرى؟

التشيللو آلة عالية الدرامية بسبب طبيعة صوتها التي تقترب من طبيعة صوت الإنسان الداخلي، وتتميز عن باقي الوتريات برحابة صوتية مميزة ونبرة صوت مؤثرة على المستمع، فهي كما قلت قريبة من القلب، وتعتبر آلة أساسية في الأوركسترا، ليس فقط على صعيد المرافقة بل أيضاً على صعيد الألحان الأساسية. وتأثيرها كآلة مرافقة أكبر من تأثير الآلات الوترية الأخرى.

ـ هل هناك مظاهر سلبية بين المزج الموسيقي/ شرقي، غربي/، وما هي

     إيجابياته؟

المزج آلية مفيدة في تاريخ الحضارات مهما كثرت سلبياتها، تبقى ايجابيتها كبيرة النفع، فالمزج الذي يتم الآن بين الموسيقا العربية والموسيقا الكلاسيكية الغربية هو ظاهرة مفيدة للموسيقيين، الموسيقا العربية تستفيد من القوالب الأوروبية التي اكتملت بنياتها، وبالمقابل تستفيد الموسيقا الأوروبية أو الغربية من روحانية وجمال الموسيقا العربية وتحديداً الموسيقا الصوفية ومن إدخال المقامات العربية، أما السلبيات فهي ما يأخذ عادة من الموسيقا الدارجة، حيث إننا نأخذ مع الممتاز الكثير من السفاسف، وهذا أيضاً يبطىء عملية التطور الموسيقي لدينا.

ـ ما هو دور الآلات الشعبية في عملية الدمج؟

تلعب الآلات الشعبية في موسيقانا دوراً في روحانية الموسيقا كما أسلفت، لأننا نؤدي عليها الكثير من المقامات بعض هذه المقامات غير ممكنة العزف في آلات الغرب الشعبية وموسيقاها مما طور في آلية العزف على هذه الآلات من الناحية اللونية. فمثلاً هناك المقام البياتي له لونية فريدة ذات خصوصية كبيرة في التطريب، وعندما انتقل هذا المقام وغيره إلى الآلات الأوربية أعطاها بنظري هذه الخصوصية اللونية التي يتمتع بها وهي غير موجودة سابقاً في الموسيقا الأوربية. وهناك أيضاً طريقة الأداء على الناي فهي تحمل خاصية في ميزة استخدام ربع البعد أو ربع الصوت.

7-  ما رأيك بالصيغ الحرة والارتجالات في الموسيقا؟

كثير من خاصية الموسيقا يعتمد على فن الارتجال، ويظهر كثيراً في موسيقانا الآلية وفي غنائنا وقوالبنا الموسيقية بشكل كبير، أما الصيغ المفتوحة فأنا مع هذا الاتجاه بسبب اقترابه من حالة الإنسان الفكرية الطبيعية، فهو دائماً في حالة كتاب مفتوح، سواءً في المواضيع أو في القوالب ينبغي إيجاد معايير وصيغ خاصة بالحرية حتى لا يكثر اللغو والتكرار وبالتالي يضعف من قيمة العمل، أنا استمتع كثيراً حين أسمع الارتجالات سواء في الموسيقا العربية أو الغربية، لأنها تؤدي إلى حيث  يذهب فكر الإنسان وإبداعه، وهذه هي ميزة المواضيع المفتوحة حيث أنها بلا حدود وأنها تكون دائماً عوالم مميزة للإهتمام.

ـ التراث والحداثة كيف تنظر إليهما؟

لكل الثقافات الإنسانية تراث وحداثة، فنحن ننظر إلى التراث دائماً كأغانٍ وأزياء قديمة ورقصات، وبالمقابل ننظر إلى الحداثة كمفهوم مزجي واستحضار التراث بطريقة تلائم الزمن الذي نعيش فيه، ولكن إذا بحثنا قليلاً في مفهوم الحداثة، هل هي مواكبة العصر..؟ أم نظرة جديدة لسلوك الإنسان..؟ عندما نتكلم عن الألبسة، فنحن حالياً لا نستخدم الألبسة والألوان التي كنا نستخدمها سابقاً، بل استعضنا عنها بأشياء أخرى، وهذا لا يعني إننا ابتعدنا عن تراثنا، أظن أن التراث هو الأشياء الموجودة في ذاكرة الإنسان يظهرها عندما يريد ويضفي عليها روح الحاضر، فاستخدام التراث في القوالب الجديدة يلبسها ألبسة العصر، وتأثير التراث برأيي هو ما يلعبه من دور تأثيري داخلنا.

أما إذا تكلمنا عن الحداثة فهي ليست تطور التراث بل هي اتجاهات فكرية وفنية جديدة، إذا أخذت الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، هل تستطيع أن تقول أنه لا يستخدم التراث الأدبي القديم، ولكنه الآن يعرّف كواحد من أعلام الحداثة.

في الموسيقا هناك حركة كبيرة لإسترجاع التراث ووضعه بصورة أكثر ملائمة لعصرنا، هناك الكثير من المؤلفين بدأوا بالكتابة الموسيقية نستطيع أن نصفها بالحداثة لأنها بعيدة عن الطرق القديمة في طرح التراث واستخدامه.

لم يعد مهماً تجميل التراث ولكن ينبغي بناء مؤلفات جديدة على بعض اللحظات المؤثرة في الموسيقا العربية وهذه علامة من علامات الحداثة اليوم.

 

 


log in

reset password

Back to
log in