العود حول العالم
- الدكتور يوسف طنوس
مقدّمة:
يُعتبر العود ملك الآلات الموسيقية العربية وسلطانها وأساسها، وهو الأكثر كمالاً بينها. هو مرافق المغنّين ومحور الأوركسترا العربية المعروفة ب”التخت” الشرقي. وهو الذي يفسّر نظريات السلّم الموسيقي العربي. لا يُعرف مخترع آلة العود، ولكن هناك قصص وروايات عن أصله إذ ينسب البعض اختراعه إلى لامك إبن قايين إبن آدم، بينما نجده، ولو بأشكال متنوّعة وأسماء مختلفة، في معظم الحضارات. انتشر العود في بلاد ما بين النهرين وفي بلاد الفرس وآسيا الصغرى والشرق الأوسط والشرق الأقصى وأوروبا. والعود هو الآلة الوتريّة الأكثر انتشارًا في العالم كلّه.
هل تريد تعلم العزف على العود وأنت في منزلك؟ قدم طلب انتساب لمعهد أوتار أونلاين الآن
- أصل الإسم
إن التسمية العربية “العود” تشير إلى المادة التي تصنع منها هذه الآلة، أي الخشب. إنتقلت التسمية إلى الغرب من خلال الأندلس، فأسموه الغربيون laute و luth ، تحويرًا للتسمية العربية “العود”. وظهر للعود أشباه في حضارات عديدة وبأسماء مختلفة، فهو عند الفرس البربط (barbat)، وهو عند الصينيين بيبا (pipa)، وعند الهنود سيتار (sitâr)، وعند الفراعنة نفر (nefer)، وعند اليابانيين بيوا (biwa)، وعند الروس بالاليكا (balalaika)، وعند الأندونسيين غامبوس (gambus)، وفي آسيا الصغرى تار أو سيتار أو ساز ( tar ou setar ou saz). وللعود العربي عائلة متنوّعة في البلدان العربية. فهناك العود الشاميّ والعود العراقيّ، والعود المغربي. ونجد أيضًا ال”كويترا” في المغرب العربي (koueitra) وال”غمبري” (gombri) المنتشر في تونس، ليبيا وشرق الجزائر، وعود “النشأة-كار” الذي هو جوابٌ للعود العادي، والمتواجد خاصة في سوريا.
- تاريخ العود
لا يُعرف تاريخ دقيق لآلة العود. أظهرت إكتشافات وأبحاث علم موسيقى الشعوب أن آلة العود قديمة جدًّا. وقد دلّت الإكتشافات الأثرية عن وجود العود الطويل الزند في بلاد ما بين النهرين وفي مصر. كما دلّت الأبحاث الأثرية في الأناضول على وجوده أيام الحثيين أي قبل حوالي 3000 سنة. كما كان مستعملاً في روما أيام القياصرة. وقد عرفه أيضًا البيزنطيون. وقلّما خلت حضارة في العالم من آلة العود أو من عائلتها الوترية أو شبيهاتها.
2-1 العود في التاريخ القديم
دلّت الإكتشافات الأثريّة على وجود العود في بلاد ما بين النهرين وفي مصر في الألف الثاني قبل الميلاد. كما اكتُشف في مدفن في الطيبة (مصر) يعود إلى سنة 1490 قبل الميلاد، عود بحالة جيّدة مصنوع من خشب الأرز، طوله 120 سنتم وصندوقه دائري.
وكان العود آنذاك طويل الزند ويعزف عليه الموسيقيون المحترفون، كما كان هناك عود أصغر ذو زند قصير، كانت المغنّيات يرافقن غناءهن بالعزف عليه، وهو القبّوس (أو القنبوس) الذي لا يزال مستعملاً في بعض البلدان الخليجيّة وفي اليمن. أمّا العود الذي إنتشر عالميًّا فهو العود ذو الزند القصير، الذي نجده في إيران في القرن الثامن قبل الميلاد، وفي الصين في القرن الثالث قبل الميلاد وفي الهند في بداية التقويم الميلادي.
وقد انتقل العود إلى أوروبا عن طريق الأندلس التي استوطنها العرب ما بين القرنين الثامن والرابع عشر للميلاد. وكان هناك أنواع من العود، من يُعزف عليه بالضرب (بالنقر) على الوتر، ومن يُعزف عليه بالقوس.
نشره العثمانيون في أوروبا، فأصبح آلة أساسية عند اليونان (مع ال”بغلمادس” (baglamádhes) وال”بوزوكي” (bouzouki) وال”لاغوتُ (lagoúto) وال”سازي” (sázi))، عند الألبان (مع ال”سفتلي” (ifteliç)، ال”شرقية” (sharkia)، وال”باكلاماجا” (baklamaja))، عند البلغاريين (مع ال”تنبورا” (tambura)، عند السلاف في يوغوسلافيا السابقة (مع ال”شرقية” (shargiya)، ال”تنبوريكا” (tambourica)، ال”بوغاريكا” (bugarica)، ال”بيسرنيكا” (bisernica)، ال”ساز” (saz) في البوسنة، وال”كيتالي” (qiteli) في كوسوفو). وانتشر العود في جافا (Java) وفي بلدان الشرق الأوسط. وحملته الهجرات العربية إلى مدغشقر، وإلى أوروبا من خلال إسبانيا.
2.2. العود في الكتاب المقدّس
ذكر الكتاب المقدّس آلة العود إلى جانب باقي الآلات الموسيقية التي كانت مستعملة. فيقول أن يوبَل إبن قايين كان أب كلّ ضارب على الكنّارة والمزمار (تك21:4). ويقول أليشاع النبي:”والآن فأتوني بعوّاد. فلما عزف بالعود، حلّت عليه يد الرّب” (2مل 15:3-16). ويدعو داود النبي في أماكن متعدّدة من مزاميره لحمد اللّه بالآلات الموسيقية، فيقول:” إحمدوا الرّب بالكنّارة، واعزفوا له على عود عشاريّ الأوتار” (مز 33 (32):2). ويورد المزمور 71(70):22، “على آلة العود أحمدك يا إلهي، وأحمد حقّك وعلى الكنّارة أعزف لك”. ويقول المزمور 80(81):3-4، “خذوا في العزف واضربوا بالدّف وبالكنّارة الرّخيمة والعود. أنفخوا في البوق”. ويذكر المزمور 92(91): 4، “على عشاريّ الأوتار وعلى العود وألحان الكنّارة”، والمزمور 144(143):9: “أللّهم نشيدًا جديدًا أنشد لك بالعود العشاريّ أعزف لك”. كما يدعو المزمور 3:150-4، لتمجيد اللّه بالآلات الموسيقية:”سبّحوه بصوت البوق، سبّحوه بالعود والكنّارة، سبّحوه بالدّف والرّقص، سبّحوه بالأوتار والمزمار، …”.
وإنّ سفر الأخبار الأوّل من الكتاب المقدّس يعدّد المنشدين والموسيقيين وآلاتهم، فيورد:” وأمر داود رؤساء اللاّويين أن يقيموا إخوتهم المغنّين على آلات الغناء، على العيدان والكنّارات والصنوج…وكان لزكريّا وعزيئيل وشميراموت ويخيئيل وعنّي وأليآب ومعسيا وبنايا عيدان على لحن العذارى…” (1 أخبار 16:15-24)، وأيضًا في 5:16؛ وفي 2أخبار 12:5 وفي ا مك 45:3).
فنرى أنّ الكتاب المقدّس، يميّز بين آلة العود والكنّارة وعشاريّ الأوتار بالرغم من انتمائهم لعائلة واحدة.
3.2. العود في التاريخ العربي
يعتقد بعض الباحثين أن العود العربي هو حصيلة تطوير لبعض الآلات الوترية القديمة، مثل “البربط” الفارسي و”المزهر” العربي. ويذكر كتاب الأغاني أنّ أول موسيقي استعمل آلة العود، باسمها الحالي، كان إبن سريج، في أيام الخلافة الأمويّة. ولكنّ العود العربي لم ينل شهرته إلاّ مع إبراهيم وإسحق الموصلي ومع منصور زلزل أيام الخلافة العباسيّة.
وقد كان هناك ثلاثة أنواع من العود، الطويل الرقبة (أو الزند) والجسم المصوّت (أو الصندوق) الصغير وأُسمي “طنبور”، والعود القصير الرقبة (أو الزند) والجسم المصوّت الكبير وأسمي العود، والعود الصغير الرقبة والجسم المصوّت وأُسمي القبّوس. وقد تزايد عدد الأوتار من إثنين إلى أربعة كما ورد في رسالتي إبن المنجم والكندي، ثمّ خمسة مع زرياب وصفي الدين الأرموي. وقد زاد بعضهم مؤخّرًا وترًا سادسًا، وآخرون وترًا سابعًا.
ويقال أن أبا نصر الفارابي الفيلسوف صنع عودًا، ولم يثقب له وجه فإذا به عند العزف أخرس خال من كل رنين. ثم حدث أن قرض فأر وجه العود فأحدثت به فتحة أكسبت صوته فخامة ورنينًا، فسُرّ أبو نصر بهذا الاكتشاف. وبنى الكندي، والفارابي وابن سينا نظرياتهم الموسيقية مستعينين بآلة العود كأساس لها، كما استعان صفي الدين بالعود في طريقة التدوين الجدولي.
يختلف شكل العود في العالم كما يختلف اسمه. ولكن ميزته الأساسيّة في كلّ أنواعه هي أن يكون له زند تُبسط فوقه الأوتار التي تثبّت بين الملاوي (المفاتيح) وبين الفَرَس.
وقد دلّت الدراسات أن هناك أنواعًا من الأعواد القديمة التي كان يُعزف عليها، ليس نقرًا بالريشة، بل جرًّا بالقوس، وأن العود القديم كان وجهه (سطحه) من جلد وليس من خشب.
وللعود العربي تاريخ وخصائص مشتركة مع العودين الفارسي والتركي.
4.2- العود في تركيا
هناك نوعان من العود في تركيا، العود ذو الزند القصير والمسمّى ب “العود” ud (أو أحيانًا العوت ut) والعود ذو الزند الطويل المعروف ب”الطنبور” (tunbur) حسب الكتابات العثمانية. ولغاية القرن الثامن عشر، استند المنظّرون العثمانيون إلى “الطنبور” لشرح السلّم الموسيقي. ويضمّ الطنبور التركي من وترين مزدوجين إلى أربع، ولكن الطنبور الثلاثيّ الأوتار المزدوجة هو الأكثر انتشارًا. في الموسيقى التركيّة الحديثة، أصبح “الطنبور” يدلّ على شكل جديد، عود بزند طويل جدًّا مع جسم مصوّت نصف كروي، مع العلم أن “الساز” هي التسمية الشعبية لتلك الآلة. وفي تركيا، هناك تسميات مختلفة لعائلة من الأعواد ذوي الزند الطويل حسب حجمها، من الأكبر، “ميدن ساز” (meydan saz) إلى الأصغر، كورا، مرورًا بالأحجام المتوسّطة، “البزق” و “البكلاما”. ويبدو أن إسم هذا الأخير بدأ يحلّ مكان التسميات الأخرى كتسمية عامّة. وقد طوّرت تركيا تقنيات العزف على العود بكافة أجناسه، وألّفت له مناهج تعليميّة متعدّدة. وبالرغم من انتشار العود الطويل الزند في تركيا، ظلّ العود القصير الزند مستعملاً في الموسيقى التركية الحديثة، بفضل بعض العازفين المتميّزين، أمثال أودي هرانت كنكوليان (1901-1978) (Udi Hrant Kenkulian)، و كارنيك قازنجيان و تشينوسان تنكرينرور (1938-1999) (Cinuçen Tankrikorur).
إن الفرق الحقيقي بين العود العربي والعود التركي يكمن في اختلاف الابعاد، من طول الزند إلى حجم الجسم المصوّت، وفي دوزان الأوتار و طولها و سماكتها وطريقة العزف عليها. ترتكز المدرسة التركية في العزف على محاولة لنقل التقنيّة العزفيّة الغربيّة إلى آلة العود، التي كان دورها يقتصر، في العالم العربي، على مرافقة الغناء وعلى التقاسيم. ويُعتبر منير بشير وريث هذه المدرسة ومطلقها في العالم العربي. وهي تقوم على التفتيش على نوعية الصوت في العود وجمالها وتعبيرها.
5.2- العود في إيران
عرفت إيران العود، حسبما توصّل إليه الباحثون، في نهاية القرن السادس عشر ق.م.، أي بعد العصر البابلي القديم. وازدهر العود وانتشر في العصر الساساني (226-636 م). ويقال بأن “جمشيد، أحد ملوك الفرس، هو من أول من صنع العود بعد طوفان نوح، وقد سمّاه “البربط”. ويقول البعض، أن الفرس أخذوا العود من مصر بعد أن احتلّوها، ونقلوا من حضارتها الكثير من العلوم والفنون، ومن بينها آلة العود التي أسموها “بربط”. وقد احتل العود مكانة بارزة في بلاد فارس، خاصة بعد أن ازدهرت فيها الموسيقى، على إثر توسّعها على حساب الفراعنة والأشوريين.
وعرف الفرس أشكالاً مختلفة من الأعواد: “البربط”، “التار”، “الدوتار” (الوتران)، “الجهارتار” (التشهرتار) “السيتار” (طنبور بثلاثة أوتار أصلاً، ولكنه يحوي الآن أربعة أوتار)، “الساز”، “الرود” أو “طرب رود”، “روح أفزا”، الشاهرود”، “الششتة” أو “الطربوب”.
وعُرف العود في إيران بالشكل البصليّ، بينما عُرف في العراق مثلاً بالشكل الكمثريّ. ويُمسك العود بصورة مائلة إلى الأعلى في إيران، كما في مصر، بينما يُمسك في العراق بصورة أفقيّة مستقيمة.
6.2. العود في الحضارات الأخرى
عرفت الحضارة الصينية الأولى نوعًا من العيدان، عُرف باسم العود الوطني، و كان من الآلات الأساسية في الموسيقى الصينية القديمة التي يعتمد عليها في التلحين ومصاحبة الغناء.
كما عرفت الحضارة الهندية القديمة أنواعًا كثيرة من العيدان، أشهرها: آلة العود المعروف باسم فينا (vinà). ويحتل هذا العود المرتبة الأولى في الموسيقى الهندية القديمة وكان ظهوره قبل 2000 سنة ق. م.
أما الحضارة المصرية الأولى فقد عرفت آلة العود خلال الحكم الفرعوني الأول. وقد اعتمد عليه المصريون في أداء طقوسهم الدينيّة وإحياء حفلاتهم. فعرف قدماء المصريين العود بشكليه، العود ذا الرقبة القصيرة وهو يشبه العود المستعمل الآن، والعود ذا الرقبة الطويلة وهو يشبه الطنبور.
ويرجع الباحث الأثري العراقي الأستاذ صبحي أنور رشيد تاريخ هذه الآلة إلى العصر الأكادي (2150-2350ق. م.) بحيث تم العثور على منحوتات يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد في مدن كركميشي و سنجرلي على لوح طيني من مدينة نوزي.
وامتاز العود في آشور بكثرة دساتينه، وكان شديد الشبه بالنقوش التي ظهرت لآلة العود عند قدماء المصريين، وكان العود ذو الرقبة الطويلة يسمّى بالطنبور الآشوري. ولا تزال تلك الآلة موجودة في نفس المنطقة، وبنفس الشكل والإسم، وتنتشر في سورية ولبنان والأردن وتركيا.
وفي الحضارة اليونانية، يُعد الفيلسوف اليوناني الكبير (أبيلار) أحد العازفين المبدعين في العزف على آلة العود البدائي. واتفق بعض الكتاب من العرب والفرس ممن كتبوا وتحدثوا عن العود أن العود جاءهم من اليونان، وأن فيثاغوراس اخترعه بعد أن اكتشف توافق الأصوات الموسيقية، والبعض الآخر يعزو هذا الاختراع إلى أفلاطون. وكان يسمّى العود في اليونان باربتوس، ومن هنا أتى إسم البربط العربي.
7.2. العود في الأندلس وانتقاله إلى أوروبا
إنتقل العود إلى الأندلس مع زرياب الذي كان قد نافس أستاذيه إبراهيم وإسحق الموصلي، فأبعده إسحق عن بغداد. فهرب إلى الأندلس حيث استقبله الخليفة الأموي عبد الرحمان الثاني. ونقل معه إلى قرطبة، ومنها لكل الأندلس، الفن الموسيقي البغدادي والغناء المرافَق بالعود إلى جانب فنّه الشّخصيّ. وأضاف الوتر الخامس على العود صول2 (sol2)، وأبدل مضراب العود الخشبي بآخر من قوادم النسر (من ريشه).
وبعد أن انتشر العود في الأندلس، إنتقل إلى أوروبا وأسموه لوت (luth) تحويرًا للفظته العربية كما سبق وأشرنا.
- الطنبور والبزق والشبّوط
هناك من يقول أن كلمة “طنبور” ظهرت أوّلاً عند العرب لتدلّ على آلة اللير (lyre) (في عهد الملك خسرو بارويز)، بينما يقول غيرهم أنّها وجدت في كتابات سنسكريّة لتشير إلى إسم موسيقي سماوي، طونبورو (tumburu). الطنبور هو من عائلة العود، يتشابه والعود من ناحية الشكل والتقنيات. وقد ذكره الفارابي في كتابه “الموسيقى الكبير” مميّزًا بين الطنبور الخرساني والطنبور البغدادي العربي اللذين يختلفان شكلاً وحجمًا0 الأول هو مثل الطنبور التركي والبلغاري، والثاني أي الطنبور البغدادي أو العربي فهو أصغر حجمًا من الأول.
أمّا آلة البزق فهي انتشرت خاصّة في تركيا وسوريا ولبنان. وهي تذكّر بالعود القديم الطويل الزند وذا الصندوق المصوّت الصغير، الذي كان يسمّى بال”طنبور”.
تأثّر العود العربي بالعود الفارسي، فتطوّر وأصبح الآلة الأساسيّة في الموسيقى العربية ومرافقة للغناء. كما أن منصور زلزل، اخترع العود الكامل المسمّى بعود ال”شبّوط”، والذي يضم أربعة أوتار، والذي حلّ مكان العود الفارسي الذي كان يضمّ وترين.
ومن الأعواد العربية الأخرى نذكر: ال”سويسن” المغربي (suissen). ومن الأعواد الإيرانية نذكر ال”غورومي” وال”تار” الإيرانيين (gurumi, tar). ومن الأعواد التركية، نذكر ال”باغلاما”، وال”بزق” وال”ساز” (baglama, bozuk, sâz)، وهذا الأخير مشترك مع أرمينيا وأزاربيجان. ويوجد عود ال”دوتر” (dotar) في أفغانستان وأوزباكستان وتركمانستان، وال”تنبورا” (tanboura) في كردستان، وال”دومبورا” (dumbura) في كازاخستان.
- أنواع الأعواد في العالم
إن أشكال العود المتنوّعة عرفت تطوّرات في مختلف القارة الآسيوية التي لا يزال العود مستعملاً فيها إنّ في موسيقاها الكلاسيكية أو الشعبية.
ويمكن أن يختلف شكل العود، إذا كان الجسم المصوّت مسطّحًا أو محدّبًا. والأكثر انتشارًا هي الأعواد النصف كروية (السيتار الإيراني-setâr)، الكُمَّثْرية الشكل (البيوا الياباني-biwa)، الدائريّة (يواكين الصيني-yueqin)، المربّعة (الشميسان الياباني- shamisen)، شبه المنحرفة (دان داي الفيتنامي- dan day)، والمثلّثة (البالالايكا الروسيّة-balalaika). إن مادّة صناعة الجسم المصوّت هي، بشكل عام نباتيّة أو خشبيّة. في الماضي استعمل بعضهم درع حيوان المدرّع (tatou) في صناعة آلة الشارانغو (charango) المستعملة في جبال الأند (Andes) في أميركا الجنوبيّة.
ويمكن أن تصنّف الأعواد بحسب زندها (أو رقبتها). فمنها من هو خال من الحواجز الحديدية (العود العربي، والسارود الهندي-sarod)، ومنها من يحوي تقطيعات أو شرائط معدنية (التار الأزري-tar). ويُعتبر الزند قصيرًا، إذا كان أقصر من الجسم المصوّت (الأوتي اليوغوسلافي-uti)، ويُعتبر طويلاً في الحالة المعاكسة (الساز التركي-saz).
وهناك أعواد تصنّف بحسب أوتارها. منهم من لديهم فقط الأوتار الأساسيّة، أي اللّحنيّة. ومنها من يحوي، إضافة إلى الأوتار الأساسيّة، أوتارًا طنّانة مطلقة، أو أوتارًا متعاطفة (sympathiques)، موضوعة إلى جانب الأوتار الأساسيّة أو تحتها، تهتزّ حسب مبدأ توافق التردّدات (résonance)، السارود، السيتار والسورباهار (surbahâr) تحوي أنواع الأوتار الثلاثة.
1.4. الأعواد الهنديّة
– “السيتار” (sitâr): يشتقّ اسم العود الهندي، “السيتار” (sitâr)، من الفارسية (setâr)، ويُنسب اختراعه إلى الموسيقي أمير خوسرو الذي كان يعمل في ديوان سلطان ديلي في القرن الخامس عشر. لم يتّخذ شكله الحالي إلاّ في القرن السابع عشر. إنتشر في شمال الهند وفي الباكستان. ورفعه إلى العالمية مؤخّرًا الموسيقي رافي شنكار (Ravi Shankar). يختلف عن العود العربي في شكله وعدد أوتاره ووضعية العزف عليه. اختلف عدد أوتاره حسب العصور، وحاليًا يحوي أربعة أوتار (أساس- الخامسة-الأوكتاف-الرابعة)، يُضاف إليها وتران جانبيان مدوزنان على نغمة الأساس وجوابها يعطيان تلاوين إيقاعيّة وbourdon. يُعزف على هذا العود بطريقة عاموديّة.
– ال”سورباهار” (surbahâr): وهو عود ضخم يعطي قرار نغمات “السيتار”. يختلف عن سابقه أنّه يحوي إضافة إلى أوتاره اللّحنيّة الأربعة، حوالي العشرين وترًا هارمونيًّا (sympathiques) مثبّتين على جانب زند العود. ويسمّى هذا العود عادة “الأورغ الهندي”.
– ال”سارود” (sarod): يُعتبر السارود من أجمل آلات الهند. وهو يجد أصوله في آلة الرباب (rabob) الباكستانية كما كانت في القرن التاسع عشر، والتي هي بدورها ذات أصول فارسيّة. ينتشر هذا العود في شمال الهند.
– ال”تنبورة” (tânpura): صناعة هذا العود بدائية. ويمكن أن يعود أصله إلى آلة “تونبورة فينا” (tumburu vîna). ويمكن أن يكون اسمه مشتقًّا من كلمة “تانا” (tâna) أي صوت (ton) بمعنى “بعد طنيني”، لأن هذه الآلة لا تعطي نغمًا لحنيًا، بل إيقاعًا نغميًّا يدعّم الإيقاع المرافق للغناء في الهند. ويقابل هذه الآلة آلة التندورة (tandura) في راجاستان وآلة التنبورة (tambura) في باكستان.
– سْغْرا-سْنَان (sgra-snan): تُستخدم هذه الآلة في الموسيقى الشعبية في التيبت. تحوي ثلاثة أوتار مزدوجة.
– آلة شاباي (chapey) الكمبوديّة: هي من أهم آلات جنوب شرق آسيا. تستخدم في الأغاني والمناسبات الإجتماعية والشعبية. يعزف عليها كآلة منفردة، إذ تتميّز بصوتها الجميل والغنيّ.
ومن الآلات الأخرى المعروفة في جزر السند (Sonde)، نذكر “سابِه” (sapeh)، عود بثلاثة أوتار يرافق الرقص الجماعي اللّيلي، وفي سومطرة نذكر “هابتان” (hapetan)، العود الضخم بوترين، و “كاتشابي” (katchapi) المستعمل في جزر جافا (Java) والذي يستعمل في الموسيقى الشعبية والتسلية.
2.4. أعواد الشرق الأقصى
– عود البيبا (p’ip’a): يرجع إستعماله إلى عهد حكم ال”هان” (Han) سنة 206 ق. م.. تنحدر هذه الآلة من بلاد الفرس وسلكت طريق الحرير وصولاً إلى الشرق الأقصى. ويُروى أن الأمبراطور وو-تي (Wou-ti) (140-87 ق.م.) أمر بصناعة هذا العود ليرمز إلى القوى الثلاث (السماء والأرض والإنسان) وإلى العناصر الخمسة (النار، المعدن، الخشب، الماء والتراب). طُوّرت هذه الآلة، ولا تزال تُستخدم في المناسبات وفي الحفلات من قبل عازفين اشتهروا من خلالها. انتشرت في كوريا واليابان وفيتنام تحت أسماء مختلفة. عدد أوتارها غير موحّد.
– عود “سن-هسيان” (san-hsein): ظهر مع حكم سلالة “تسين” (Tsin) ما بين 246 و 207 ق.م. هو أكبر من آلة البيبا. يستعمل في الإلقاء الشعري أو النثري حيث يتناوب الإلقاء والغناء والعزف الآليّ. يحوي ثلاثة أوتار.
– عود “يواه-كين” (yueh-k’in): ينتشر في كلّ أرجاء الصين، ويُعرف ايضًا ب”عود القمر”. لا يزال يعزف عليه المغنّون الجوّالون. زنده قصير ينتهي رأسه بشكل هلال. أوتاره أربعة مدوزنة بشكل خماسي.
– عود “روان” (ruan): إنّه عود ذو زند مستقيم وجسم مستدير، يُعزف عليه عاموديًّا. سُمّي روانشيان على اسم روان شيان (شخصيّة أدبيّة اشتهرت باتقانها العزف على هذه الآلة). انتقلت هذه الآلة إلى اليابان.
– عود ال”بيوا” (biwa): يُستعمل هذا العود في موسيقى القصر الأمبراطوريّ الياباني. هناك أنواع عدّة من أعواد ال”بيوا”. فالعود القديم “بوغاكو-بيوا” (bugaku-biwa) لا يزال يُستعمل في الغناء التقليدي وفي موسيقى رقصة ال”بوغاكو”. وعودا “هيكي-بيوا” (heiké-biwa) و “ساتسوما بيوا” (satsuma-biwa) يرافقان الروايات البطولية اليابانية القديمة. يمتاز عود ال”بيوا” باستعماله كآلة لحنيّة وإيقاعيّة في نفس الوقت. يحوي أربعة أوتار. وهناك آلات تجوي خمسة أوتار مثل “موزو بيوا” (moso-biwa).
– عود ال”شاميسان” (shamisen): هي الآلة الوترية الأكثر انتشارًا وشيوعًا في اليابان. تنحدر من آلة “سن-هسيان” (San-Hsein) الصينية. استعمل هذا العود أولاً لمرافقة الأغاني الريفية التقليدية، ومن ثمّ في النوع الغنائي “شميسن” الذي اتّخذ اسمه من الآلة نفسها، والذي انتشر في التجمّعات المدينيّة. دخلت هذه الآلة المسرح الياباني.
– عود “دان كيم” (dàn kim ou dàn nguyêt): إنه عود فيتنامي يعود إلى القرن الثامن عشر. أنواعه متعدّدة، فمنه من يحوي ثلاثة أوتار، ومنه أربعة أو خمسة. إنّه منقول عن عود “يواه-كين” (yueh-k’in) الصيني. يُستعمل في المسرح ضمن أوركسترا.
– عود “دان داي” (dàn day): إنه عود المغنّيات. وُجد مع سلالة “لي” (Lê) التي حكمت ما بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر. إنّه عود فيتنامي بامتياز. يُستعمل في شمال البلاد، ولا يعزفه سوى الرجال في مرافقتهم للمغنّيات المحترفات اللولتي ينشدن التراث. يحوي ثلاثة أوتار.
– عود “دان تي با” (dàn ty bà): إنّه عود ذو أربعة أوتار. إنّه نسخة عن عود ال”بيبا” الصيني. يُستعمل في موسيقى القصر وفي موسيقى التسلية، ويعزف عليه الرجال والنساء.
– عود ال”روابو” (rwabo): هو أقرب إلى البزق الصغير منه إلى العود. يحوي من أربع إلى ستة أوتار.
– عود ال”نغوني” (n’goni): إنّه يتميّز بجسمه المصوّت المستطيل.
ومن الأعواد الأخرى في الشرق الأقصى، نذكر ال”دوتارا” في البنغال (dotara)، ال”سانكسيان” وال”جِكّين” (sanxian, gekkin) في اليابان، ال”ولجيوم”(wolgeum) في كوريا، وال”سانغ” (sung) في تايلندا، وال”الشوراغ” أو “الشودورغو” (chourague, choudourghou) في منغوليا، وال”توبشوور” أو “توشبولوور” (tobshuur, toshpuluur) في التوفا (Touva) ومنغوليا.
3.4. الأعواد الأفريقيّة
إن العود الأفريقي هو من أوائل الأعواد في العالم. هو الآلة المفضّلة عند الشعراء القوّالين الذين يرافقون غناءهم بالعزف عليها. وكان وجه جسم العود مؤلّفًا من قطعة جلد وليس من خشب. هناك أعواد ذوات وتر واحد مثل مولو (molo) في السنغال و “كونتيغي” (kountigui) في النيجر. وهناك أعواد تحوي من وترين إلى خمسة أوتار، مثل ال”كونده” (kondé) في الهوت-فولتا (Haute-Volta) وال”كومو” (como) في نيجيريا. إن عود “خلام” (khalam) في السنغال يحوي خمسة أوتار وشكله أقرب إلى السفينة، وهو الأكثر استعمالاً من الشعراء القوّالين.
إن عود ال”كورا” (kora) يجمع ما بين العود والهارب (harp). يحوي صفّين من الأوتار، أحد عشر وترًا لليد اليسرى وعشرة أوتار لليد اليمنى. ونذكر أيضًا عود ال”سيرون” (seron) في غينيا وال”غورومي” (gurumi) في النيجر.
4.4. العود الغربي (luth)
– ال”لوت” (luth): لم تعرف أوروبا العود قبل القرن التاسع، ولم يلق رواجًا في إسبانيا قبل القرن الثالث عشر. ينحدر العود الغربي من العود العربي. فالإسم العربي “العود” أصبح “لَود” (laud) في الإسبانية ، و لَوتْ (laut) في الفرنسية القديمة. أصبح العود الآلة المفضّلة، خلال النهضة الأوروبيّة، عند الموسيقيين والهواة وفي كلّ منزل ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد كُتبت له المقطوعات والأغاني المصاحبة بالعود. وقد بلغت تلك الأغاني الكمال مع المؤلّف البريطاني جون داولند (John Dowland). مع ظهور الكمان ومن بعده البيانو، أفل نجم العود في أوروبا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. خلال النصف الثاني من القرن العشرين، عاد الإهتمام بالعود الغربي الكلاسيكي وبالمؤلّفات القديمة المكتوبة له.
يختلف العود الغربي عن العربي بوجود حواجز معدنيّة على زنده. خمس من أوتاره مزدوجة مدوزنة على نفس الطبقة أو على ديوان كامل منها، ووتر مفرد حاد الإرتفاع. هناك تسويتان للأوتار واحدة قديمة اعتُمدت في القرت السادس عشر (صول 1، دو 2، فا 2، لا 2، ري 3، صول 3)، وواحدة “جديدة” سادت في القرن السابع عشر (لا 1، ري 2، صول 2، سي 2، مي 3، لا 3). تنقر الأوتار بالأصابع، وليس بالريشة كما في العود العربي.
– ال”أرشيلوت” (archiluth): في أواخر القرن السادس عشر، أضيفت أوتار مساعدة على العود الغربي فرضها تطوّر الغناء والمصاحبة له. ومُدّت هذه الأوتار خارج الزند، لأنّها كانت مطلقة ولا يمكن تعديل تسويتها بواسطة الأصابع. وهذه الإضافة أعطت عودًا جديدًا، سمّي “أرشيلوت” (archiluth)، اشتهر بجمال صناعته وتحلياته.
– عود “تيوربه” (théorbé): هو نسخة أوّليّة من “الأرشيلوت”. ظهر أوّلاً في بادوفا في إيطاليا، وانتقل إلى باقي البلدان. كان جسمه المصوّت كبيرًا، وزنده قصيرًا.
– عود “شيتارون” (chitarrone): هو عود “تيوربه” ولكن بنسخة رومانيّة. فجسمه المصوّت صغير الحجم، بينما زنده طويل جدًّا، يبلغ أحيانًا مترين. إلى جانب مرافقته الغناء، كان ال”شيتارون” يحلّ محل آلة ال”كلافسين” (clavecin) في أداء الصوت الغليظ المتتابع (basse continue).
– عود ال”مندور” أو ال”مندول” (mandore ou mandole): عرف انتشارًا كثيفًا في القرنين السادس عشر والسابع عشر وحافظ على تواحده لغاية القرن التاسع عشر في الموسيقى الفولكلورية. يشبه العود، ولكن بحجم أصغر. منبجه (chevillier) طويل وبشكل لولبي. يحوي بشكل عام أربعة أوتار مزدوجة.
– المندولين (mandoline): تتحدّر آلة المندولين من آلة ال”مندور” (mandore) أو ال”مندول” (mandole). ظهرت في القرن السادس عشر ولم تأخذ شكلها الحالي إلاّ في القرن السابع عشر. برعت نابولي بصناعتها، ومن هناك انتقلت إلى فرنسا وألمانيا. كتب لها فيفالدي (Vivaldi) وموزار (Mozart). وبعدما تراجع استعمالها في العصر الرومنطيقي، استعادت بعض اعتبارها في أواخر القرن التاسع عشر في “أوتللّو” فيردي (Otello de Verdi).
– ال”سيستر” (cistre): انتشر في أوروبا خلال القرن السادس عشر. إنّها آلة يسهل العزف عليها وثمنها في متناول الجميع. اشتهرت في عصر النهضة، وتراجعت في العصر الكلاسيكي، لتعود في أواخره محط اهتمام. لم يُكتب لها الكثير، باستثناء بعض الأغاني والآريا الشعبية (arias). في بداية القرن التاسع عشر، ومع ظهور الغيتار، أفل نجم ال”سيستر” بشكل عام.
– الأعواد الأوروبيّة الشعبيّة:
+ “القيثارة البرتغاليّة” (chitarra portuguese): لا يزال ال”سيستر” مستعملاً في البرتغال، لا بل أصبح الآلة الوطنيّة تحت إسم “القيثارة البرتغاليّة” (chitarra portuguese). يحوي من أربع إلى إثني عشر وترًا معدنيًا مزدوجًا تُنقر بالأصابع. يرافق الغناء الشعبي، خاصة ال”فادوس” (fados).
+ ال”فيهوالا” (vihuela): هي آلة عود إسبانية طوّرها الإسبان، في القرن السادس عشر والسابع عشر، بعد اطّلاعهم على العود العربي. تتميّز هذه الآلة بإظهار مهارة العازف وبراعته. وقد تيسّر لها كتابات موسيقية خاصّة تعود إلى سنة 1500 للميلاد.
+ ال”بندوريا” (bandurria): هي آلة تقليدية إسبانية صغيرة، من عائلة ال”سيستر”. تحوي ستة أوتار، وتُنقر بواسطة ريشة.
+ ال”برغزيتر” (bergzither): هي آلة ألمانيّة تقليدية من عائلة ال”سيستر”. لها منبجان (chevilliers)، وأوتارها مزدوجة، منها ثلاثة لإعطاء الطنين (bourdon). + ال”كولاشيوني” (colachon (colascione)): إنه عود طويل الزند، يحوي من ثلاثة إلى ستة أوتار. تنحد أصوله من الموسيقى الشرقية. يُستعمل خاصة في الموسيقى الشعبية لجنوب إيطاليا.
+ ال”تنبورا” (tanbura): هي عود صغير من خصائص أوروبا المتوسطية ودول البلقان حيث تُدعى “تنبوريكا” (tanburica). أصلها فارسي-عربي، نقلها الأتراك معهم ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر. تستعمل خاصة في شمال صربيا وكرواتيا وفي مقدونية والبوسنة، وفي جنوب غرب بلغاريا، في الأغاني والرقصات الشعبيّة. تحوي من أربع إلى ستة أوتار مزدوجة تُنقر بريشة.
+ ال”أوتي” (outi) و ال”بوزوكي” (bouzouki): هناك نوعان من العود في اليونان. ال”أوتي” (outi) الذي هو عود غليظ، ذو زند قصير ومن دون حواجز معدنية. يحوي أوتار أربعة مزدوجة مدوزنة رباعيًّا. وال”بوزوكي” (bouzouki) الأكثر شهرة وانتشارًا. زنده طويل ذو حواجز معدنية. أوتاره مزدوجة مدوزنة خماسيًّا. يُستعمل في الغناء والفولكلور الشعبي والتراثي.
+ ال”كوبزا” (cobza): يتميّز عود رومانيا “كوبزا” (cobza) بشكل جسمه المصوت الكُمَّثْري، وزنده القصير، وبنجقه المقلوب.
+ ال”باندور” (pandûr): ينتشر عود ال”باندور” (pandûr) في بلاد القوقاز وفي جنوب روسيا. هو ال”باندير” الأرمني (pandir) وال”فاندير” الأوساتي (fandyr). يحوي ثلاثة أوتار.
وهناك أعواد مشابهة لما سبق، مثل “الشونغوري” في جورجيا (chonguri)، وال”أشانغور” في أبخازيا (achengur). أمّا ال”باندورا” (bandoura) ، فهي من عائلة ال”كوبزا” التي كانت منتشرة في بلاد السلاف في القرون الوسطى. ولا تزال ال”باندورا” تستعمل في أوكرانيا، مع أنّ البلالايكا (balalaïka) قد أطاحت بها فيما مضى، لأنّها دخلت في البرامج التعليميّة لمدارس الموسيقى في أوكرانيا. فهي باتت رمزًا وطنيًا.
+ ال”دومرا” (domra): عود ال”دومرا” (domra) هو من عائلة “التنبور”. أدخله المغول إلى روسيا في القرن الثالث عشر، وأصبح آلة شعبية لغاية القرن السابع عشر عندما زاحمته وحلّت مكانه ال”بلالايكا”. ويُقال أن ما ساهم في اندثارها ارتباطها بالغناء الهجائي الذي منعه القياصرة في روسيا. ولا تزال تستعمل في فولكلور كيرغيزيا وكازاخستان وأوزباكستان. له زند طويل، ويحوي حاليًا ثلاثة أوتار معدنية تُنقر بريشة.
+ ال”بلالايكا” (balalaïka): هي آلة حلّت مكان ال”دومرا”. كانت الآلة الشعبية المنتشرة في كلّ الإتحاد السوفياتي السابق، وتصاحب الغناء والرقصات في الفولكلورات المختلفة. هي من عائلة العود وإن كان جسمها المصوّت مثلّث الأضلاع (هناك أجناس منها يشبه جسمها جسم العود). يحوي زندها، الطويل والضيّق، حواجز معدنيّة. تضمّ ثلاثة أوتار تُنقر باليد من عامة الشعب، أمّا المحترفون منهم فيستعملون ريشة. طُوّرت الآلة في القرن التاسع عشر، وباتت عائلتها مؤلّفة من ستة أحجام مختلفة.
خاتمة
لعب العود، ولا يزال، دورًا هامًّا في الموسيقى بشكل عام ، والموسيقى العربيّة بشكل خاص. تطوّر مع حقبات الزمن، وطوّر معه الموسيقى وأنماطها وأساليبها. فنجده حاضرًا دائمًا في الموسيقات الشعبيّة لمختلف الشعوب والحضارات، بينما نرى دوره في الموسيقى الكلاسيكية متقلّبًا، تارة يقفز إلى الواجهة، وطورًا يغيب في دهاليز النسيان.
والعرب الذين صدّروا العود العربي إلى العالم، وبالرغم من بعض المبادرات الشخصيّة التي لم تعمّم بعد، لم يقوموا بالجهد الكبير لتطوير الآلة أو الكتابة لها بما يُظهر مقدّراتها -كما فعل الغرب بآلة ال”لوت”-، ولم يتّخذوا قرارًا جريئًا بتشكيل عائلة للعود أسوة بعائلة الكمان الغربية، أو بعائلة الغيتار في أميركا اللاتينية، ولم يواكبوا تطوّر الموسيقى العربية التي باتت آليّة إلى كونها غنائية- فالعود الحالي لا يزال مداه النغميّ مدى الصوت البشري -، ولم يولوا تعليم العود للصغار العناية الكافية، إن من جهة حجم العود ليستطيع الولد التحكّم فيه، وإن من جهة البرامج التي، إن وُجدت، فهي للكبار. فلو اهتمّ العرب بتعليم العود للأطفال منذ صغرهم – وأيضًا باقي الآلات الموسيقية العربية-، لظهر نوابغ من بينهم على صعيد العزف والتأليف وتطوير الموسيقى العربية.
المراجع
- طنوس (يوسف)، العود تاريخ من الأصالة والتجديد، محاضرة بمناسبة اليوم العالمي للعود، طرابلس، 2007.
- تشو (وانغ تسي)، الآلات الموسيقية الصينية، (تعريب: حسين إسماعيل حسين)، منشورات وزارة الثقافة لجمهورية الصين الشعبية.
– Tranchefort (Francois-René), Les instruments de musique dans le monde, I, Seuil, Paris, 1980.
– Poché (Christian), Dictionnaire des musiques et danses traditionnelles de la Méditerranée, Fayard, Paris, 2005.
– Honegger (Marc), Science de la Musique, Technique, Formes, Instruments (L-Z), Bordas, Paris, 1982.
البحث مقدم من حضرة
الأب الدكتور يوسف طنوس
نائب رئيس جامعة الروح القدس في الكسليك (لبنان)
Voir Marcelle DUSCHENE-GUILLEMIN, Egypte, in Science de la musique, T. I, Collection Marc HONEGGERB, Bordas, Paris, 2(1982), pp.331-335.
“الساز”: كلمة فارسيّة تعني “موسيقى”.
كلمة تركية تعني “عقد الأوتار.
لا ننسى أن الشريف محي الدين حيدر (1892-1964)، هو من أصل تركي، وقد أدخل مدرسة العود التركية إلى العالم العربي، انطلاقًا من بغداد التي جاءها سنة 1936.
منهم من يسمّيها “رقبة” ومنهم من يسمّيها “زند”.