بهجت حسان .. ملحن الموشحات المبدع
المقال من إعداد المؤرخ الموسيقي: أحمد بوبس
بهجت حسان ملحن مبدع تخصص في تلحين الموشحات ورقص السماح . وهو بذلك صدى لعمر البطش وامتداد له . وهذا طبيعي إذا عرفنا أنه تلميذ عمر البطش ورفيق دربه منذ تعرف عليه عام 1944 وحتى رحيل البطش عام 1950 .
وبهجت حسان اسمه الحقيقي بهجت كعدان . ولد في حلب عام 1927 . وظهرت موهبته الموسيقية منذ صغره . ومنذ طفولته بدأ يحضر الأذكار وحلقات الزوايا الصوفية التي كانت منتشرة في حلب بكثرة . وفي عام 1944 ، وبعدما تملكت منه الموسيقا ، لجأ إلى رائد تلحين الموشحات عمر البطش ، فتتلمذ على يديه ، وتعلم منه أصول تلحين الموشحات وأوزانها وايقاعاتها إضافة إلى المقامات الموسيقية العربية ، وتعلم منه رقص السماح ، كما أخذ عنه القدود الحلبية ، وحفظ جميع ألحان أستاذه. وعندما انتقل عمر البطش إلى دمشق أواخر الأربعينات من القرن العشرين بدعوة من فخري البارودي ، وقام بالتدريس بالمعهد الموسيقي الشرقي ، استدعى تلميذه بهجت حسان و أدخله المعهد ليتلقى المزيد من العلوم الموسيقية على يد موسيقيين كبار فيه . فاكتملت بذلك معارفه الموسيقية ، وتوضحت عبقريته فيها ، فقال عنه البطش أنه أفضل تلاميذه. وفي تلك الفترة بدأ أولى خطوات التلحين لإذاعة دمشق باسمه الحقيقي (بهجت كعدان) ، الأمر الذي أثار غضب عائلته ، فاختار له عمر البطش اسمه الفني (بهجت حسان) الذي عرف به بعد ذلك .
بعد أن انتهت دراسة بهجت حسان في المعهد الموسيقي الشرقي بدمشق ، وتخرج منه بتفوق ، عاد إلى حلب وعمل في إذاعتها التي افتتحت عام 1949 . وأخذ يلحن لمطربيها . وكانت معظم ألحانه من الموشحات . وكانت تقدم ضمن وصلات غنائية مع ألحان أستاذه عمر البطش .
وكتاب (من كنوزنا) الذي وضعه الدكتور فؤاد رجائي تضمن في جزئه الأول الذي حمل عنوان (الموشحات ) ألحان خمسة عشر موشحاً بالنوتة والكلمة لبهجت حسان وهذه الموشحات هي (أيقظ الحب فؤادي) ،(ياكحيل العين) ،(صاح هات الزق) ،(روعتني ظبية) ،(نسمة الفردوس) وجميعها من نظم صبحي المصري ، وموشحا (فاتر الأجفان) و(ياغزالاً قد جفاني) شعر محمد حربلي ، وموشح (رب ليل) نظم الوشاح الأندلسي لسان الدين بن الخطيب ،و(نسيم غرناطة عليل) للوشاح الأندلسي ابن زمرك ، و(مالألحاظك الصحاح) من الشعر القديم ، و(بسم الزهر) نظم أحمد هلال زين الدين و(ياثورة الحسن) لعلي الناصر و(من طالب) للوشاح الأندلسي ابن بقي . وبعيداً عن الموشحات لحن بهجت حسان مجموعة من الأغنيات ، منها الأغنية الدينية (ياخيرها) وأغنيتي (ياتفاح) و(ياعود الميجنا) . ويزيد عدد ألحانه عن مئتي لحن مسجلة في إذاعتي دمشق وحلب . ومن الذين غنوا ألحانه صباح فخري ومحمد خيري ومصطفى ماهر .
وفي مجال رقص السماح أبدع بهجت حسان تشكيلات جديدة فيه وخاصة التشكيلات في صفوف . وكون مع حسن بصال فرقة لرقص السماح وأقام لها العديد من الحفلات . وعندما أنشأ الدكتور فؤاد رجائي معهده الموسيقي في حلب ، طلب من بهجت حسان التدريس فيه ، فقام بتدريس الموشحات والقدود ورقص السماح . وفي عام 1959 استدعي إلى دمشق ليدرب طالبات مدرسة دوحة الأدب على رقص السماح ، فشكل فرقة للسماح أطلق عليها اسم استاذه عمر البطش . وأقام معها العديد من الحفلات . وفي عام 1964 تولى تدريب فرقة على رقص السماح ، وهي الفرقة التي قدمت رقصاتها ضمن فيلم (عقد اللولو) الذي قام ببطولته نهاد قلعي ودريد لحام .
شكل بهجت حسان العديد من الفرق لتقديم الموشحات ورقص السماح . فإضافة إلى فرقة مدرسة دوحة الأدب ، شكل فرقة معاوية في ثانوية معاوية بحلب . وفي دمشق عمل مشرفاً ومدرباً لرقص السماح في المسرح العسكري . وشكل فيه فرقة لرقص السماح .
قام بهجت حسان بجولات عربية وعالمية عديدة . كان أولها عام 1955 حينما سافر إلى النمسا ضمن وفد الطلبة السوريين . وزار مصر برفقة فرقة المسرح الشعبي . وزار دول المغرب العربي مع فرق وزارة الثقافة . وزار تركيا واسبانيا وايطاليا وانكلترا . وفي عام 1979 دعته وزارة الدفاع إلى دمشق ، حيث تولى تدريب فرقة المسرح العسكري ، وسافر معها إلى هنغاريا وروسيا . وفي عام 1985 سافر إلى أبو ظبي مع فرقة حلب للموسيقا بإدارة ماجد العمري وشارك معها بعدة حفلات . كما زار عدد من الدول الافريقية منها غانا والسنغال وساحل العاج مع فرقة رقص السماح التي أقامت العديد من الحفلات .
في عام 1988 بدأ المرض يفعله فعله في جسم بهجت حسان ، ومع ذلك قام ببعض النشاطات . فقام بالتدريس في معهد حلب للموسيقا ، وتولى تدريس الموشحات والقدود . لكن اشتداد المرض عليه أجبره على التوقف عن ممارسة نشاطاته . ليرحل بتاريخ في الخامس عشر من آب 1995 .
تم تكريم الفنان بهجت حسان عدة مرات . فقامت نقابة الفنانين بتكريمه في عيد الفنانين الأول عام1994 ومنحته الميدالية الذهبية . وكرمه مهرجان الأغنية السورية في دورته الثانية عام 1995 ، وقدم له موشح (رب ليل) .
أوتار أونلاين