سعيد فرحات
المقال من إعداد: المؤرخ الموسيقي أحمد بوبس
سعيد فرحات أستاذ كبير في الانشاد الديني ،وعلم من أعلام تلحين الموشحات الطربية والدينية . وهو إضافة إلى ذلك منشد جميل الصوت .
ولد سعيد فرحات في حي قبر عاتكه بدمشق عام 1900. وفي طفولته درس في مدرسة الملك الظاهر الابتدائية . ومنذ صغره تميز بجمال الصوت . وكان خاله الشيخ سعيد الحداد مؤذناً في جامع النقشبندي في حي السويقة بدمشق . وعندما اكتشف جمال صوت ابن اخته ، أخذ يصطحبه معه إلى المسجد . وأتاح له فرصة أداء الأذان والابتهالات التي تسبق الأذان ، واستمر ذلك سنتين. وعندما اكتشف الفنان توفيق الحسيني موهبة سعيد وجمال صوته ، اخذ يلقنه مبادئ الموسيقا . وتلقى سعيد فرحات منه علم الأوزان والنغمات التركية . واستمر سعيد يدرس على يد أستاذه عشر سنوات . تتلمذ بعدها على يد الشيخ عبد الرحمن قصار . وتعلم منه الموشحات وثمانية أوزان من رقص السماح . ثم درس على يد الموسيقي اللبناني محي الدين بعيون لمدة سنتين ، وتعلم منع إلقاء القصائد .
في عام 1931 سافر سعيد فرحات إلى حمص ، حيث عمل بمصلحة مكافحة الجراد. وهناك لازم الفنان الحمصي مصطفى عثمان . وتلقى منه أوزان رقص السماح ، وحفظ الكثير من القصائد والموشحات المصرية . وأجاد إضافة إلى ذلك الضرب على الرق . وكان صوته قادراً على الارتجال ، ويملك السيطرة التامة علىالأوزان والنغمات ، ويجيد رقص السماح .
بدأ سعيد فرحات نشاطه الفني هاوياً في معهد الفنون والآداب الذي تأسس عام 1937 منشداً وضارباً للايقاع . وعند تأسيس المعهد الموسيقي الشرقي الذي أنشأه فخري البارودي بدمشق عام 1947، عمل سعيد فرحات بالتدريس فيه . وقام بتدريس الموشحات. كما كان يستقبل المنشدين الشباب في منزله ويقوم بتدريسهم الموسيقا . ومن طلابه سليمان داوود وحمزة شكور .
بدأ سعيد فرحات نشاطه الموسقي بتلحين الأغنيات الطربية ، فلحن الكثير من الموشحات هي من أجمل ما عرفه هذا القالب الغنائي العربي . ومن الموشحات التي لحنها ( غصن بان جبينه بدر ) و ( طاب وقتي وانمحى غبني) والموشحان نظم الشيخ أمين الجندي ، وموشحا ( وغزال كلما ألقاه يذوي مقلتيه ) و ( دعني أقبل مقلتيه ) نظم فخري البارودي و( يالطيف الشمائل ) للسهر وردي و( يا اهل خضر المنازل ) لأبي الهدى الصيادي .
وفي أواخر الأربعينات من القرن العشرين بدأ اولى خطواته في تلحين الأناشيد الدينية ، ومالبث أن قصر تلحينه عليها . وكان أول موشح ديني لحنه من نغمة البيات ، يقول مطلعه :
سرى من مكة ببراق عز بأقصى مسجد وعلا السماء
من نظم عبد الرحيم البرعي. وحفظ الموشح سليمان داوود الذي كان تلميذه . وأنشد سليمان الموشح أمامه فبكى سعيد فرحات من التأثر . وثاني موشح لحنه فرحات من نغمة الحجاز يقول مطلعه :
حبيب تملّى بالحبيب فخصه وشرّفه بالقرب وهو جدير
وفي مطلع الخمسينات كان أحد مؤسسي رابطة المنشدين في الجامع الأموي إلى جانب توفيق المنجد ومسلم البيطار ، ثم انضم إليهم سليمان داوود .
لحّن سعيد فرحات تواشيح دينية في المائح النبوية ، منها ( يانبيّنا ) و ( أشرف الخلق ) و ( ياسيد الرسل ) . وفي الابتهالات وضع الكثير منها مثل ( ياغافر الذنب ) و ( ياربّنا ) و ( إليه سبحانه أتوسل ) . وأنشد معظم الأناشيد التي لحنها بصوته ، وأعطى بعضها لمنشدين آخرين مثل سليمان داوود وحمزة شكور . واستمر في عطائه الفني تلحيناً وانشاداً حتى رحيله عام 1974 .
أوتار أونلاين