محمد ضياء الدين… الفنان المنسي
المقال من إعداد المؤرخ الموسيقي أحمد بوبس
محمد ضياء الدين ملحن ومطرب سوري . ولد في دمشق عام 1933 . وأسمه الكامل محمد ضياء الدين الهاشمي . أحب الموسيقا وهو صغير ومارسها على سبيل الهواية خلال دراسته . مطرباً في الحفلات المدرسية . وبدأ أولى محاولاته في التلحين ولما يتجاوز العشرين من عمره . وأول لحن وضعه كان بعنوان (س ع)، وتقدم به إلى برنامج ( ركن الطلبه) الذي كان يعده ويقدمه عبد الهادي البكار في مطلع الخمسينات من القرن العشرين . وأذاع البرنامج الغنية بصوت الفتى فحققت نجاحاً جيداً . فتبناه عبد الهادي البكار ، وتم اعتماده ملحناً ومطرباً في إذاعة دمشق . وفي بداياته وضع محمد ضياء الدين عدداً من الألحان العادية . وفي منتصف الخمسينات من القرن العشرين ملأت صالات السينما الأفلام الهندية بما فيها من أغاني هندية ذات ايقاعات مرحة وسريعة ، شاعت على ألسنة الناس ومنها أغنية (تام تام) و(سوكو سوكو) . وأعجب محمد ضياء الدين بأغنية (تام تام ) ، فأخذ موسيقاها وأعاد صياغة اللحن ليجعله طقطوقة جميلة . ووضع لها كلمات خفيفة ليصبح مطلعها :
مهلك مهلك مهلك مهلك
مهلي علينا شوي
يابو خصر جميل وقوام نحيل
قللي كلام الحق
قلبك بيميل
بعنيك لي دليل
ليه بتقلي لأ
وسجل محمد ضياء الدين الأغنية بصوته في إذاعة دمشق ، فححقت انتشاراً واسعاً ، وأصبحت أغنية الموسم تتردد على ألسنة الناس . وكانت إذاعة دمشق تبثها في اليوم عدة مرات . كما انتشرت في الإذاعات العربية الأخرى.
في تلك الآونة تعرف محمد ضياء الدين على مطربة جديدة اسمها نعمت قسومة وأسمها الفني (ندى) ، وسرعان ما تزوجا وشكلا ثنائياً فنياً ناجحاً حمل اسم (ضياء وندى) . وكانت الحواريات الغنائية وقتها شائعة في الأفلام المصرية بين عبد الحليم حافظ وشادية وفريد الأطرش شادية أيضاً بين محمد عبد الوهاب من جهة ونجاة علي وراقية ابراهيم وغيرهن من جهة أخرى . فخاض محمد ضياء الدين غمار تلحين الحوارية الغنائية ، وقدمها مع زوجته ندى . فشكل بذلك فتحاً جديداً للأغنية في سورية . إذ أن الحواريات الغنائية كانت قليلة جداً عند مطربينا . ومن الحواريات التي لحنها وغناها مع زوجته ندى ( حكاية حبنا) و(حبيتك) و(ياساهي) . وكانا يقدمان غناءهما على مسارح دمشق وملاهيها إضافة إلى الإذاعة . ولم يقتصر في تقديم الحواريات الغنائية على ندى ، وغنما قدم حواريات عديدة مع مطربات أخريات ، فقدم مع أحلام زينب حوارية (هالة) ، ومع مواهب حوارية (الفقير).
ولم يقصر محمد ضياء الدين ألحانه على صوته ، بل لحن لعدد من المطربات والمطربين السوريين في مقدمتهم زوجته ندى . ومما لحنه لها (مرجنا الأخضر)،(ميلي مامال الهوى)،(ياتارك وردي)،( طل يانور الشمس) وغيرها ، وغنت أحلام زينب من ألحانه (عمري) كلمات عادل قره جولي ، ولحن لطروب الأغنية الدينية (يارسول الله) . وغنى بصوته بعض ألحانه مثل (لأ) و(البنت الحلوة) ، والأغنيتان كلمات مسلم برازي .
مع قيام الوحدة بين سورية ومصرعام 1958 انتقل محمد ضياء الدين وزوجته إلى القاهرة ليبدأ مرحلة جديدة من مسيرته الفنية . وفي القاهرة استطاع أن يحتل بسرعة مكانة فنية مرموقة . فاخذ يلحن للمطرين والمطربات في القاهرة . وتأثر بمحمد فوزي في تلحينه لأغنيات الأطفال ، فحذى حذوه ولحن مجموعة من أغنيات الأطفال ، من أشهرها أغنية (البلونة) التي سجلها للتلفزيون العربي السوري في إحدى زياراته لدمشق . وجاءت الأغنية على شكل حوارية طريفة مع طفلة، ونالت شهرة واسعة . ومن أغنيات الأطفال التي اشتهرت له (ست الحبايب)،( قطتي لولو)،(اتفرج ياسلام).
اعتنى محمد ضياء الدين بالأغنية الشعبية . فأخذ أغنيات من الفولوكلور السوري ومزجه مع الفولوكلور المصري ليصل على أغنية شعبية جديدة لحنها مزيج من اللونين ، ومن أهم ماقدم في هذا المجال الأغنية الشعبية الحموية (سكابا يادموع العين سكابا) التي جعل الآلات الشعبية المصرية كالمزمار والمجوز البلدي تؤديها .
بعد وفاة زوجته ندى تزوج الممثلة نسرين التي كانت قد اشتركت في غناء عدد من ألحانه للأطفال . وتابعت بعد زواجه منها تقدم ألحانه للأطفال .
غنى محمد ضياء الدين في القاهرة قسماً من ألحانه، منها أغنية (كروان) كلمات مجدي نجيب ، وأعطى قسماً منها لمطربين ومطربات آخرين . ومن ألحانه لغيره (بدوب في هواه) كلمات بخيت بيومي وغنتها صباح ، و( هوانت ياواد قد سنية) لشريفة فاضل ، ولحن لمحمد عبد المطلب (ياهوى قاسي) كلمات مجدي نجيب . لشادية (كلك حنية) ولسعاد محمد (قبل ماتقول). وغنى من ألحانه بعض الممتلين مثل يوسف وهبي وحسين رياض. واستمر في عطائه حتى رحيله في القاهرة عام 1978 .
أوتار أونلاين