عزيز غنام


عزيز غنام..الملحن وعازف العود البارع 

المقال من إعداد المؤرخ الموسيقي : أحمد بوبس

 

عزيز غنام ملحن وعازف على آلات العود والكمان والنشأةكار.  ولد في حلب عام 1920،  وتتلمذ في صغره على أعلامها الكبار،  وبخاصة الموسيقي أحمد الأوبري الذي أولاه رعايته عندما كان عزيز طالباً في ثانوية الحمدانية بحلب فأخذ عنه التدوين الموسيقي والنغمات والأوزان والموشحات،  وتعمق في التراث الموسيقي والغنائي العربي. وخلال فترة وجيزة غدا واحداً من عازفي العود الكبار في حلب،  وفي نفس الوقت أجاد العزف على الكمان والنشأةكار.

مارس عزيز غنام نشاطه الموسيقي في أندية حلب،  وفي إذاعتها الأولى (إبان الاستعمار الفرنسي) التي بدأت إرسالها في أوائل الأربعينات من القرن العشرين،  ثم في إذاعة حلب الوطنية بعد الاستقلال، وكان عضو لجنة الاستماع . وفيها رعى الكثير من المواهب في الموسيقا والغناء منهم إبراهيم جودت وسمير حلمي،  وقدم للإذاعة المطربتين مها الجابري وسحر. ولم يعزف ضمن فرق موسيقية إلا مرات قليلة .

في عام 1960 ومع بدء الإرسال التلفزيوني، انتقل عزيز غنام إلى دمشق، وأصبح أحد المشرفين في دائرة الموسيقا للإذاعة والتلفزيون. وتولّى الإشراف على الكثير من البرامج الموسيقية والمسلسلات التلفزيونية،  منها مسلسل (الوادي الكبير) الذي جمع صباح فخري ووردة الجزائرية. واستمر عمله في دائرة الموسيقا بالإذاعة والتلفزيون حتى رحيله عام 1978.

خاض عزيز غنام خلال مسيرته الموسيقية التي زادت عن أربعين عاماً جميع أشكال النشاطات الموسيقية. فقد كان من أفضل عازفي العود العرب. وفي عزفه لا يسير على النمط الكلاسيكي القائم على التقاسيم .   وإنما كان عزفه أقرب للارتجال الذي يحتاج إلى خيال واسع وتقنيات عالية. وهو في ذلك أقرب إلى المدرسة البغدادية في العزف .  والتسجيلات القليلة الموجودة له في المكتبة الموسيقية في إذاعة دمشق تؤكد ذلك. ومن قدراته الكبيرة أنه كان يستطيع أن يعزف أي مقطوعة موسيقية على وتر واحد من أوتار العود بنفس السوية ،كما لو أنه عزفها على الأوتار الخمسة.

خاض عزيز غنام مساجلات موسيقية على عوده مع عازفين كبار مثل أمير البزق محمد عبد الكريم،  ومن أهم مساجلاته الموسيقية كانت مع الموسيقي العراقي جميل بشير الذي زار دمشق قبل رحيل عزيز غنام بأسبوعين،  وكان عزيز يعاني من المرض. وتم اللقاء في حي ابنة عزيز بحي البرامكة بدمشق. وعزف جميل بشير إحدى مقطوعاته الصعبة التي فيها تقنيات عالية وانتقالات مقامية كثيرة. وطلب من عزيز عزفها. فأمسك عوده،  وعزفها بمهارة فائقة فوقف جميل بشير ورفع يديه معترفاً لعزيز بقدراته الكبيرة .

وقال له : “الذي شاهدته منك اليوم أكثر بكثير مما سمعته عنك”. وكان لعزيز غنام طريقة خاصة في العزف. فقد كان يثبت خنصره على وجه العود،  ويعزف بريشة ناعمة على جميع الأوتار دون أن يحرك يده .

في مجال الغناء أولى عزيز غنام التراث اهتماماً خاصاً. فقام بتحقيق الكثير من الأعمال الغنائية التراثية ودونها،  بعد أن كانت تنتقل عبر السماع فقط. لكنه كان مقلاً في التلحين. فألحانه الغنائية قليلة. وأهم ألحانه كانت في مسلسل (المغنون) حينما لحن مقاطع شعرية من نظم مصطفى البدوي بأسلوب تراثي، وغناها المطرب جلال سالم الذي مثل دور المغني (ابن جامع)، بينما مثلت مها الجابري دور (حوراء). ومن ألحانه في إذاعة حلب موشح (حامل الهوى تعب) لأبي النواس وغناه صباح فخري. وفي إذاعة دمشق لحن عزيز كثيراًمن الأغنيات التي وصلنا منها القليل ،وغناها كل من كروان ومها الجابري وسحر وأغاريد. وكثير من ألأحانهنسبت إلى ملحنين آخرين ، فقد كان يعاني من مشكلة تمثلتن في حاجته الماسة للمال . فكان يلحن ويبيع ألحانه لغيره من الملحنين الذين يسجلونها في إذاعة دمشق وينسبونها إليهم . مقابا أن يعطوه ثمن اللحن فوراً ، لأنه لم يكن قادراً على الانتظار عدة أشهر لقبض ثمن اللحن من محاسبة الإذاعة .

في مجال التأليف الموسيقي له تسجيلات في إذاعة دمشق،  تتضمن تقاسيم على العود، وموسيقا بعض الأغنيات الشعبية. كما وضع بعض المقطوعات الموسيقية منها (ليلة مقمرة)،( نداء)،( أمل)،( خواطر)،( موعد) وغيرها. وله أيضاً تقاسيم بديعة على العود. ولعزيز غنام محاولات في تطوير الآلات الموسيقية العربية. فقد قام بمحاولة لصنع أسرة للعود على غرار أسرة الكمان .وهدفه صنع أعواد بأحجام مختلفة مشابهة للفيولا والفيولونسيل والكونترباص. وصنع بالفعل نموذجين لعودين بحجم كبير وصغير. وجرب عدنان بن ذريل العزف عليهما في فرقة أمية،  لكن عزيز لم يتابع محاولاته بسبب التكاليف الباهظة للمشروع. كما حاول بالتعاون مع عدنان أبو الشامات تصميم آلة إيقاعية تعطي إيقاعات ملائمة لدرجات السلم الموسيقي كافة. لكنه لم يتابع مشروعه بسبب مرضه ومن ثم رحيله …

أوتار أونلاين


log in

reset password

Back to
log in