أحمد عقيل
أحمد عقيل مسيقي كبير من حلب. هو بحق رائد من رواد الموسيفا والغناء غي حلب، وأستاذ لكثير من الموسيقيين العرب.
ولد أحمد عقيل في حلب عام 1813، ولما ترعرع وضعه والده في الكتاب، فتعلم القراءة والكتابة والحساب والقرآن الكريم. وكان والده يعمل في تجارة الصايات الحريرية والأغباني. وكان محباً للغناء، وكان في المنزل يردد الأغنيات التي كانت شائعة في زمانه، فكان الطفل أحمد يصغي إلى غناء والدة بشغف، فنما بذلك حب الموسيقا والغناء في روحه ونفسه.
وكان الوالد م رواد الزوايا الصوفية، وكان الطفل يرافق والده تلك الزوايا ويستمع إلى الإنشاد الديني الجميل ويشاهد فنون رقص السماح الذي كان في ذاك الوقت دينياً. وبعد أن بلغ سن الشباب كان قد تعلم الكثير في تلك الزوايا على يد منشديها الكبار، فبدا مسيرته الفنية منشداً في تلك الزوايا التي كان يزيد عددها في حلب عن الأربعين. وكان رؤساء الزوايا يتسلبقون إلى الاستئثار به.
خلال ذلك تعرف أحمد عقيل على عدد من الموسيقيين الأتراك، فأخذ منهم علومهم الموسيقية المطعّمة بالموسيقا البيزنطية. فارتقى بفنه الموسيقي والغنائي. بل إنه تأثر بلغتهم التركية، فأدخل بعض كلماتها في بعض الموشحات التي نظمها ولحنها وغناا بصوته، منها لموشح الذي يقول مطلعه:
ظبيٌ من الترك له قلــوبنا…..مســـلمـة
خاطبته فقال لي برقّةٍ (جوك سويلاما)
كما أدخل إلى موشحاته كلمات الترنم مثل (أمان، جانم) وغيرها من الألفاظ التركية.
احتل أحمد عقيل المركز الأول في الإنشاد الديني في الزوايا الصوفية. وأصبح أستائاً كبيراً في الموسيقا والغناء. فتتلمذ على يديه من أصبحوا فيما بعد موسيقيين كبار. ومن هؤلاء التلاميذ احمد شعار ومحمد الوراق ومصطفى البشنك المولود ومصطفى العظم ومحمد حسن الألوسي ومحمد جنيد وعمر البطش، وجميعهم أصبحوا من الموسيقيين المرموقين.
لكن من أشهر طلابه زوجة قنصل إيطاليا في حلب آنذاك. وفي ذلك يقول الشيخ كامل الغزي صاحب كتاب (نهر الذهب في تاريخ حلب)، في وصفه حمد عقيل في رسالة أرسلها إلى محمد كرد علي الذي أثبتها بدوره في كتابه (خطط الشام): [إن من تلامذة أحمد عقيل امرأة قنصل إيطاليا في حلب آنذاك، التي قتالت في مدحه (إن هذا الأستاذ المفن قد يقل نظيره حتى في أوربا)].
وبالطبع إن هذه السيدة الإيطالية على علم تام بما للموسيقا والإنشاد والتنظيم الأوركسترالي في أوربا، وتلك الفرق الموسيقية والغنائية الضخمة التي تتزين بالتنظيم المنهجي على أساس القواعد الموسيقية المدروسة. ومع ذلك فقد وجدت في أستاذها أحمد عقيل ما يفوق ما شاهدته من فناني اوربا، في جمال صوته وحسن أدائه وبراعته في ضروب وأوزان الغناء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتاب السماع عند العرب (الجزء الثالث) – مجدي العقيلي – دمشق 1973.
المقال من إعداد: الباحث أحمد بوبس
أوتار أونلاين