سمير حلمي
المقال من إعداد المؤرخ الموسيقي أحمد بوبس
سمير حلمي ملحن ومطرب سوري . هو سليل المدرسة الطربية الحلبية ، نهل منها وتتلمذ على أعلامها ، فكان ابناً باراً لها في أصالة ألحانه وغنائه وشخصيته الموسيقية.
ولد سمير حلمي في حلب عام 1939. واسمه الحقيقي أدمون حداد . نهل منذ صغره من الطرب الحلبي الأصيل، فتعلم العزف على العود على يد صانع الأعواد ميشيل قوام ، ثم درس أصول العزف على يد عزيز غنام . وتمتع بصوت جميل ، فكان يغني القدود والموشحات في الحفلات المدرسية وعندما أصبح شاباً بدأ أولى خطواته على طريق الفن ،فوقف على مسارح حلب يقدم غناءه، فبدأ يلفت إليه الأنظار بأدائه المتقن . إلى أن واتته الفرصة لدخول إذاعة حلب أواخر الخمسينات من القرن العشرين .
فقد كان الفنان شاكر بريخان يعد ويخرج برنامجاً فنياً بعنوان ( سهرة المكرفون) ، يقدم فيه المواهب الغنائية الهاوية . وفي إحدى الحلقات ، تقدم شاب اسمه ادمون حداد . وحتى يغني في البرنامج كان عليه أن يخضع لاختبار أمام لجنة تضم كبار الموسيقيين أمثال عزيز غنام وممدوح الجابري ونديم الدرويش ويحيى المنجد وانطوان زابيطا . ونال أدمون اعجاب اللجنة بغنائه الجميل ، فغنى في إحدى حلقات البرنامج ، واعتمد مطرباً في إذاعة حلب ، وبدأ عمله مردداً في كورس الإذاعة . وكان لونه وسطاً بين محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ . وأطلق عليه شاكر بريخان اسمه الفني ( سمير حلمي) . وفي تلك الفترة تتلمذ على يد الفنان انطوان زابيطا ، فأخذ عنه المعارف الموسيقية كالمقامات والأوزان والايقاعات ، كما تتلمذ على يد الموسيقيين بكري الكردي وابراهيم جودت ونديم الدرويش.
ولم يمض وقت طويا على عمله في إذاعة حلب ، حتى انتقل إلى دمشق . ليبدا نشاطه مردداُ ضمن كورس إذاعة دمشق ، إضافة إلى تقديم الأغنيات التراثية بصوته . ومع افتتاح التلفزيون عام 1960، انضم إلى مجموعة العاملين فيه .
* الانطلاقة :
في تلك الآونة .. بدأ الملحنون في دمشق يكتشفون صوت سمير حلمي وقدراته وجمالياته . فشرعوا يلحنون له . وسيم سروة من أوائل من لحن له . وأول لحن قدمه له كان قصيدة (الحلم الأخير) ، وسجلت لإذاعة دمشق بتاريخ 13/8/1959 . وتتالت ألحان سليم سروة له ، حتى وصلت إلى عشرة ألحان منها ( الكلمة الحلوة) كلمات مارون كرم ، ومحاورة (عتاب) التي غناها سمير حلمي مع مها الجابري ، وأغنية (وحدك تعال ) كلمات انطون المبيض ، وغناها سمير ضمن برنامج(مع الموسيقا العربية ) التلفزيوني عام 1964 ، والذي كان يخرجه جميل ولاية . كما شارك بالغناء في اسكتش ( سكة الحديد ) الذي وضع كلماته منيف حسون ولحنه سليم سروة بمناسبة تدشين شبكة الخطوط الحديدية الحديثة في سورية . وتم تقديم الاسكتش بتاريخ 3/3/1968 .
وغنى سمير حلمي لكبار الملحنين . فأعطاه سهيل عرفة عدة ألحان منها (حاولت انسى) واسكتش (موسم الزهر) . وغنى من تلحين محمد الموجي قصيدة ( مرّ هذا اليوم) شعر مصطفى البدوي . ومن الذين لحنوا له بكري الكردي وخضر جنيد وعبد الحليم بقدونس وعدنان أبو الشامات وشاكر بريخان .
* إلى التلحين :
والمرحلة الأهم في مسيرة سمير حلمي اقتحامه عالم التلحين . والمطربة كروان كان لها نصيباً كبيراً من ألحانه .ومما لحنه لها (أحقاً أنت من كتب الرسالة) كلمات نظمي عبد العزيز و(يابعيد عني شبيك) . والمطرب نهاد عرنوق غنى له عدة ألحان منها( تفتحي أزهارنا) . ولمصطفى نصري وبراءة شفيق لحن حوارية(يأم الجفن الزيتوني) .
وغنى سمير حلمي الكثير من الأغنيات الوطنية .فمن تلحين سليم سروة غنى لقواتنا المسلحة (جيشنا) شعر صابر فلحوط ،وغنى للشهيد( حيي الشهيد) شعر صالح هواري ، كما لحن سمير العديد من الأغنيات الوطنية منها قصيدة ( عشرون عاماً بعثنا عبر مصرعنا) وغنتها كروان . وجمع أعياد آذار ونيسان ةتشرين في أغنية واحدة هي ( وطني نيسان وآذار وتشرين ) التي لحنها وغناها بصوته ، وهي من كلمات عيسى أيوب ، وله في المكتبة الموسيقية لإذاعة دمشق نحو مئة أغنية.
كما لحن العديد من اللوحات الغنائية الراقصة لفرقة زنوبيا التي عمل فيها منذ تأسيسها عام1985 . ولحن الكثير من الأغنيات والأناشيد للأطفال وللمسرحيات الغنائية للأطفال في مهرجانات طلائع البعث .
وآخر لحن وضعه سمير حلمي قبل رحيله، وغناه بصوته كان قصيدة (سلبتني ) شعر عبد القادر قصاب . وقدمها في المهرجان الثاني للأغنية السورية عام 1995 .
كان سمير حلمي مشاركاً فعالاً في دورتي مهرجان الأغنية السورية الثاني والثالث اللذين سبقا رحيله . فقد كان عضواً في العديد من اللجان ،. وفي المهرجان الثالث قدم واحداً من أجمل ألحانه والوطنية وهو أغنية (هي ياشام هي يأم الضفاير) كلمات عيسى أيوب وغناها سمير بصوته. وقدمت هذه الأغنية في المهرجان تكريماً له . وفي المهرجان الرابع الذي تلا رحيله كرمه المهرجان ،فقدم ثلاثة من ألحانه القديمة ، فغنى سمير سمرة (ماعتب عليك) وهدى العطار (ماجرت) ومازن العنق (سلبتني) .
ومنذ مطلع عام 1997 داهم المرض سمير حلمي وأخذ يزداد شدة ، حتر وافته المنية في الخامس عشر من أيار من نفس العام (1997) .
أوتار أونلاين